الاثنين، 13 سبتمبر 2010

مرحبا بالزوار الكرام 

كيفية كتابة تعليق بالمدونة الجديدة


كل من زار من مدونتي الجديدة  http://witchblog-witch.blogspot.com/ 
سالني عن كيف يستيطع ان يعلق على مافيها وسابسط شرح الطريقة هنا 
1 - يجب ان يكون لديك حساب في جوحل لتدخل به 
2 - تضغط على كلمة تعلق الموجودة في نهايه المقال الذي تريده وتكتب ماتريد 
3 - تحت التعيق يوجد خيار تعليق باسم اختار ((بحسلب جوجل ))
اتمنى ان يكون الشرح كافي و وافي  ....

الثلاثاء، 7 سبتمبر 2010

تابع الجزء الثاني


في حوالي الساعة 7 وبعد مرور نصف ساعة بالضبط على  الحوار بمحل  الجزار   كانت نفس الفتاة سماره تدخل من باب مطعم الأناكوندا ذو الواجهة الزجاجية النظيفة – وإذا كنت لم تزر هذا المطعم فهو على الطراز الحديث حيث  يناسب فئة الشباب فتجد أن أغلبية المأكولات هنا خفيفة وسريعة ويتناولها رواد المطعم مع كوب من القهوة أو عصير طازج ,وطبعا ساعد تصميم المحل على خلق جو العصرية والحداثة والكلاسيكية في نفس الوقت فنوافذ المطعم الكبيرة  المطلة على الشارع العام مغطاة بالزجاج العازل  الناتئ للخارج بمساعدة المفاصل الحديدية   الفضية اللامعة  التي تسمح برؤية المشاة والسيارات ومرور بعض الضوء الذي يظهر انسجام اللون البني الفاتح للحائط مع أرضية الخشب الغامقة وتناسقها مع الموائد والكراسي ذات الشكل المقوس الفضية المصنوعة من معدن الكروم المتوافقة مع المصابيح المتدلية من السقف  والمختلفة عن الكراسي الكبيرة و الدوارة  لركن الخدمة السريع الذي يلبي طلبات الزبائن من مشروبات و معجنات سريعة هذا عدا عن بقية المأكولات التي يمدهم بها المطبخ الموجود خلفه _وتوجهت نحو ركن الخدمة وقالت للرجل الذي يبدو في نهاية العقد الثالث من عمره :
-مرحبا محمد .
-مرحبا سماره  , هل أحضرت كامل الطلبات ؟
- طبعا ,وتفضل هذه الخضار والفواكه التي طلبها الطاهي (وناولته الأكياس التي بيديها) وعامل الجزار سيأتيك با الطلبيه بعد قليل.
-أحسنت يا فتاة ,منذ أن عملت هنا والطاهي مسرور فأنت تأتين بالطلبات كاملة
-أشكرك ولكن أين السيد مروان ؟
-انه بالمستودع الكبير الذي بالخلف ,هل ستذهبين إليه ؟
- لا , فلست مثله اعشق الاستيقاظ المبكر ,سأذهب للنوم فانا مستيقظة منذ الخامسة صباحا لاشتري الخضار واللحم طازجا وأريد أن أنام للظهر و أتي وأكمل عملي
- حسنا يا فتاة اذهبي ولكن لا تتأخري ففترة الظهيرة هي ساعة الذروة ونحتاج فارسك الرمادي للتوصيل
-هههههه ., سأخبر دراجتي بلقبها  الجديد أنا متأكدة من أنها ستبتهج .
- ههههه افعلي وربما ستسمح لي بركوبها يوما
-محال دراجتي مهر أصيل لا يركبها سواي ـــثم رفعت السبابة والوسطى  إلى جبهتها وقالت
-وداعا .
-وداعا .
خرجت من المطعم وتوجهت نحو الدارجة النارية ذات اللونين الرمادي و الأسود  الواقفة أمام الرصيف وارتدت خوذتها وتوجهت بالدراجة نحو المنعطف الذي على اليمين والذي يبعد بنايتين عن مطعم الأناكوندا الواقع على الشارع العام لأحد أفخم شوارع القاهرة الممتلئ بالبنايات الفاخرة والفنادق والمحلات الكبرى ذات الأسماء العالمية والطرق النظيفة ,وقادت دراجتها  عبر هذا المنعطف الضيق الذي أفضت نهايته  لحارة شعبية بها العديد  من المباني القديمة والمحلات المتواضعة  _هذا عدا عن ذكر بعض الأبنية التي على وشك أن تقع على ساكنيها والشارع الذي يبدو أن عربة القمامة بالكاد تمر به _التي توقفت الدراجة عند إحداها وصعدت الفتاة سلم البناء ومرت بطوابقه السبعة إلى أن وصلت لباب حديدي صدئ دفعته بيدها ليصدر صرير يكشف عن تفاصيل سطح المبنى الذي يتكون من جدران وأرضية طينية وثلاث أبواب خشبية مغلقة _لا ليس كل الأبواب كان هناك الباب  القريب من الباب الحديدي   مفتوح بجانبه امرأة ذات شعر غير مرتب و بقايا الكحل مازالت بعينيها  , متدثرة بغطاء سرير ملون و بإحدى يديها ذات الأظافر المطلية باللون الأحمر سيجارة مشتعلة كانت تنفض رمادها المحترق على الأرض وهي جالسة على كرسيها الخشبي وتحرك رجليها المكشوفتين اللامعتين  للأمام والخلف – قالت لها وهي متجهة للباب البعيد :
-غادة الم تنامي بعد ؟
- كالعادة برغم أنني مرهقة تماما من الرقص طوال الليل إلا أنني لن أنام إلا إذا تأكدت بان حضرة الآنسة مي قد ذهبت للمدرسة فانا لست مستعدة لان أصاب بصداع من جراء صراخها الصباحي الذي يزعج نومي العميق .
- هل ستنتظرين دوما هكذا ذهابها لتنعمي بنوم هادئ وراحة و أنت تأتين متأخرة بعد الفجر من المرقص
- و ما الذي استطيع فعله ؟ منذ قدومهم لهنا منذ سنتين وأنا على هذه الحال , لقد حاولت إقناعها بالهدوء وتحدثت
لأختها ولكن عبثا فما زالت ثورتها الصباحية مستمرة لان أختها  ترفض أن تستمع لها ولي .
-وما الذي تريده ؟ هل تريد ترك المدرسة !
- بل إعفاءها من إعداد الفطور .
وتعالت ضحكاتهن  بينما بدأ الصراخ والعويل الصباحي من الغرفة الوسطى .
*******************************
-         جين .جين ......لقد فعلتها مي مرة أخرى !._ هذا ما كان يصرخ به ولد في الثالثة عشرة من عمره يرتدي زي إحدى المدارس  الخاصة ,أسبط الشعر, ابيض البشرة , ذو عينيين عسليتين واسعتين ومعتدل الطول ونحيل  وهو يعبر ردهة الشقة  الصغيرة المكونة من مطبخ وحمام  ثلاث غرف صغيرة اتجه بالذات إلى إحداها لتظهر عند بابها امرأة في نهاية العشرينيات من العمر وهي تجمع بيديها النحيلتين  شعرها المجعد على شكل ذيل حصان  ليظهر أطار نظارتها الأسود والتي تظهر تناسق  لون عينييها العسليتين و أنفها المستقيم وجمال  وجهها _قالت وجسمها الرشيق يسابق الفتى إلى المطبخ :
-         وماذا فعلت مي يا نور ؟
-          لم تصنع عصيري من  البرتقال الطازج بل من ..من ...
قاطعته الفتاة التي بداخل المطبخ(مي التي تشبه أخويها في جمال العينيين وبياض البشرة عدا أن شعرها أكثر نعومة وطول وتتخلله خصلات ذهبية وتتملك جسما جميلا) قائلة بسخرية :
-         قلها .ليس هناك أي أهانه لذكائك.. من مسحوق البودرة ....نعم لقد تجرأت  وصنعته من مسحوق البودرة ...و لا تقلق لن تنقص نقاط ذكائك أبدا ...أبدا ..أبدا
-ولكنه ليس صحيا ...ليس مفيدا أيتها البلهاء .رد نور بهستيريا
-وما المهم في ذلك ؟ أنت تريد عصير برتقال  وها أنت تحصل عليه
-لقد قلت طبيعيا.. أي طازجا.. أي أن تحضري البرتقال ثم تعصرينه  و بعد ذلك تصفينه في كوب يا بلهاء.
-لماذا ؟ !...افعل ذلك كله لأرضى ذوقك الرفيع الحساس .
-بل لأنه من واجباتك ومسؤوليتك ولقدت تعهدت بصنعه لي
-متى؟! لا اذكر أنني أردت التطوع لأصبح خادمتك ,لذلك مادمت تريديه (كانت تتكلم بعقلانية قليلا ثم احتد صوتها فجاءه وصرخت )اصنعه ....أنت .
عند هذه النقطة بدء وجهيهما بالاحمرار وبدء الصراخ
-جين....
- جين ...
قالت جين التي كانت تتكئ على باب المطبخ وتزم  شفتيها   :
-هل انتهيتما من سيمفونية الصباح وأسمعتم  تغريدكما   للجيران, الآن اسمعا ماذا أقول واسمعاها جيدا لأنني لن أكرره (واعتدلت في وقفتها ثم حركت سبابتها في وجهيهما )
- نور اجلس وتناول شطيرتك ,واصمت فلا أريد أن اسمع أي من تعليقاتك العبقرية.
-إذن سوف توبخينها .
- نور ما الذي قلته .و أنت اصنعي العصير الآن
-الآن ولكن سأتأخر عن المدرسة !.
-لو صنعتها منذ البداية وتركتي محاولتك الفاشلة لخداع نور لكنت قد أنهيته .
-حسنا سأصنعه ولكن لن اذهب للمدرسة .
-ماااااااااذا !؟ مي ...( سحبتها من قميصها إلى الغرفة التي كانت بها و أغلقت الباب )وقالت بصوت هادئ حازم  :
- ستذهبين مي ورغما عنك (بدأت علامات الاستياء على وجه مي )أتعرفين لماذا؟ ..لأنه عليك التصرف بمسؤولية  فكلنا اتفقنا  أن نتصرف على هذا الأساس منذ أن أتينا هنا..أنتي تعدين الفطور و تنظفين الأواني وتذاكرين دروسك وتنجحين  ..نور يعد الغداء وينظف المطبخ كاملا ويحصل على العلامات الكاملة ..وأنا العشاء وتنظيف البيت مع دراستي وعملي لكسب المال الكافي لنا جمعيا ... ... نور صبي في الثالثة عشر من عمره يعد الغداء كما نطلب منه وبدون أي شكوى  وأنا اعمل مصورة للمجلات ومساعدة مخرج بالإضافة لدراستي للإخراج بالمعهد العالي للفنون .... أنا ونور نؤدي ما علينا لذلك عليك أن تؤدي ما عليك من عمل البيت والدراسة بجد لأنني سأفكر في عقوبة شديدة وشديدة جدا تجعلك تندمين على غيابك وتصرفاتك الغبية ... و الآن أنهي صنع العصير وارتدي ثيابك فمازال لديك نصف ساعة لتلحقي با الباص ........فلا يعقل أن طالبة في أخر مرحلة من الثانوية تريد الغياب هكذا بلا سبب .أنت حمقاء فعلا  . وفتحت الباب ودفعت مي للخارج لتعود للمطبخ وتقول بتذمر :
- كالعادة  لن أتناول فطوري بسبب نور .
- لهذا لا تصل كريات الدم الحمراء لدماغك ولا تستوعبين دروسك  ...ولكن ما المشكلة ؟ أنت لا تملكين دماغ حتى .
- نور أغلق فمك لا احد يريد سماع تعليقاتك السخيفة .
وبعد حوالي عشرين دقيقة وبينما كانت مي تنزل سلم الطابق الخامس كان شاب هادئ الملامح و مرتب الهندام واقفا متكئ للجدار مطأطئ رأسه مغمضا عينييه  مرتدي زي مدرسة يحمل نفس الشعار الذي على زي مي المدرسي قال (وحذاؤها يخطو الدرجة الأخيرة نحو الطابق الرابع بهدوء ):
-         كالعادة لقد سمعت صراخك ,ضربك للباب خلفك ونزولك الصاروخي للدرج الذي لا يبطئ إلا قبل الدرجة الرابعة من هذا السلم لتكرار محاولتك البائسة   لإخافتي وتكدير يومي  ...لكن تعلمين برغم سذاجتك (رفع رأسه وابتسامة خفيفة مرسومة على شفاه)ألا أنني  لا أتخيل صباحي بدونك ..
هزت الفتاة كتفيها وتجاوزته لتكمل مسيرها بينما لحقها الشاب ليمسك بكتفيها ويديرها نحوه ليقول وهو يتأمل ملامحها:
-المشاجرة المعتادة مع نور ,اليس كذلك ؟
-         كرم, نور لن  يتوقف يوما واحد عن إزعاجي .
-         هيا انه فتى صغير ,ثم انه ليس سيئ .
أفلتت يديه وأكملت مسيرها وقالت :
-         ليس سيئ.....طبعا ستقول ذلك فأنت العبقري الذي يحصل على أعلى المعدلات و الأول على مستوى الجمهورية للعام الماضي والمرشح القوي لدى المدرسين لدخول الجامعة الأمريكية بالقاهرة في العلوم السياسية وان يصبح احد السياسيين المرموقين .
قال كرم وهو يحاول أن يجاري خطواتها السريعة :
-         وااااو هل أنا رهيب لهذه الدرجة .
لم تلق بال لسخريته وتابعت قائلة :
-أنت مثله عبقري بل ربما هو اشد ذكاء منك لذلك لا استغرب دفاعك عنه ولكن جين ...جين الذكية القوية المتحررة  التي عاشت ببيفرلي هيلز وكانت  المساعدة الخاصة لمدير أهم وكالات التمثيل بها والتي كان الجميع يتمنى أن ينال رضاها وكان صوتها مسموعا ,و إذا بها تتحول فجاءه  لإمرأة عادية تقول لي أن اعطف على نور وأتفهم مشاعره فهو رجلنا الوحيد الآن  و علينا أن  نكون عائلة متكاتفة  .
- وهل الولاء للعائلة له علاقة بالشرق أو بالغرب  ,جين تقول الحقيقة  وعليك أن تتخطي  مسألة الصدمة الحضارية هذه وان تتعايشي مع الواقع كنور وجين ..... ثم لماذا لا تستخدمون أسماءكم الحقيقة   فبدلا من مي و جين اجعلوا الجميع يناديكم بجنى ومها......فبالإضافة لبياض بشرتكم وعيونكم العسلية   أسماءكم هذه جعلت الكل  يعتقد أنكم أجانب ولستم بمصريين .
-وهل مطلوب منا أن نغير أسماءنا التي اعتدنا أن ينادينا بها عائلتنا وأصدقاؤنا لنتخطى مساءلة صراع الحضارات هذه؟! ثم يا عزيزي المساءلة هنا أنك إذا  اعتدت على نمط حياة معين منذ صغرك و فجاءه وبلا مقدمات تتغير حياتك وتقلب رأسا  على عقب فماذا سيحدث لك ؟......صدقني لن تستطيع أن تنسى  ابدأ انك كنت معتاد على حضور العروض الأولى لأهم الأفلام  وحفلات البساط الأحمر مع العمة سونيا التي وعدتك أن تشتري لك في عيد ميلادك السادس عشر سيارة بورش حمراء ذات سقف مفتوح لتتباهى بها في مدرستك المليئة بالنجوم الشباب الذين تحصل على أرقامهم وعنوانين بريدهم الالكتروني الشخصية منهم مباشرة ....كيف تريدني أن انسي حاسوبي المحمول بمواصفاته التي طلبتها مباشرة من المصنع و النت ذو السرعة العالية ؟..كيف تريدني أن أنسى أن جين أتت يوما وقالت أن علينا ترك هذه كله خلفنا لمساءلة تتعلق بكرامتنا .....لأجد نفسي
هنا .....
أنهت كلامها وهي تخرج من باب المبنى فاتحة ذراعيها لتعطي منظرا عاما على الحارة
-         وما عيب "هنا" كما تقولين ؟
-         لا شي لا شي .....أنت أيضا تتمنى أن تترك هذه المكان اليس كذلك ؟
-         صحيح أتمنى أن اترك هذا المكان إلى مكان أفضل ولكني أتعايش مع واقعي الآن إلى أن استطيع فعل ذلك ...و أنت عليك أيضا أن تتعايشي و تتأقلمي مع واقعك لكي ترتاحي .
-         أذا أحضرت لي حاسوبا أفضل من الخردة  التي يتصدقون بها على دول العالم الثالث ويمنون بها عليهم  ومكان أفضل من هذه عندها سأتعايش مع واقعي .
-         أنت .......
قاطعته لتحيي  شاب ينظر إليها من خلال نافذة غرفته ويلوح لهم  بكلتا يديه وابتسامة واسعة على وجهه ويقول
-مااااااااي......مع السلامة ...مع السلامة
ابتسمت بوجهه ثم قالت لكرم :
- ألا يذهب اسعد   أخوك لمعهد خاص بذوي التوحد .
- كان يذهب ولكن منذ مدة جعلته أمي يعتاد الجلوس بالمنزل فلم يعد المعهد يستطيع استقبال حالته   هذا بالإضافة لأنه يحب الجلوس والرسم  .
- أحب رسومات اسعد فهي جميلة جدا ولكن لماذا لا يستقبله المعهد اليس متخصص بحالة اسعد  ؟
- لأنه معهد حكومي وليس خاص و إمكاناته محدودة ولم يعد يقدم شيئا لحالته  .
-ولكن ما الذي سيفعله الآن .
-لا تقلقي أمي تهتم به  .......انظري  سيظل يلوح لنا حتى نغيب عن ناظريه .
ونظر لساعته وصرخ 
-         آوه لا ...سيغادر الباص بدوننا لم يبق إلا عشر دقائق ونحن لم نصل بعد للمحطة
خلعت حقيبتها ورمتها عليه وقالت
-         امسكها جيدا  سألحق با الباص واحجز كرسيين لنا
-         ولماذا علي أن احملها ؟
-         صحيح انك ذكي وتمتلك دماغا ولكن لا تستطيع أن تجاري عضلاتي و براعة  قدمي للحاق با الباص
وانطلقت تجري بسرعة بينما صرخ شاكيا وهو يضع حقيبتها على الكتف الأخرى ويحاول اللحاق بها  :
-         ولكن هذا يسمى استغلالا  للظروف
قالت وهي تضحك بصوت عال :
-         ألا يوجد تبادل منافع بين الدماغ و العضلات؟  ,فكر بها على هذا النحو أنت تستغلني للحاق با الباص وأنا استغلك لتحمل الحقيبة
-         لكن حقيبتك ثقليه جدا ...
-         عليك أن تتحمل فأنت الدماغ الكبير.
 قالت هذا ثم اختفت عن ناظريه بينما أبطئ سرعته وقال
-         حسنا سأريك من يجيد استغلالا الأخر .......(نظر إلى ساعته ) إذا حسبنا المسافة إلى المحطة وسرعة مي والوقت الذي ستستغرقه في إيقاف الباص ومجادلة السائق لكي ينتظرني  .......حسنا باضافة عشر دقائق للمجموع اعتقد اني كسبت خمسة وعشرين دقيقة زيادة ...سأمشى ببطء بينما تهرول وتتجادل مع السائق وتحجز الكراسي (ضحك ) أتخيل انه ستفوتني  معركة جميلة ولكن لا باس علي أن اثبت نظرية  أن الدماغ أفضل من العضلات ..ههههههههههه
ومشى وهو يدندن لحن جميلا راسما البسمة على شفتيه 

الجزء الثاني



2
.
كالعادة , مع بزوغ الشمس كل صباح لتغسل الأرض والناس بأشعتها , ينتشر البشر في الأرض  ويتوافدون من كل مكان ومع هذا التوافد والسعي يبدأ أصحاب المحلات والشوارع حرفيا بغسل الأرصفة المجاورة محاولين اجتذاب المارة والمشاة الذين يمرون بقربهم سواء لشراء الفطور أو لشراء بعض الأشياء لتبشرهم بان يومهم سيكون فيه رزق وفير , و هولاء  المارة تجد على وجوههم تعابير مختلفة منهم المستيقظ من النوم ممتلئ نشاط وحيوية  يملئه الأمل بيوم جميل وأخر بجانبه ترى عليه أثار النوم يريد العودة لفراشه وبالأحرى هو  يقول ما الذي استيقظ لأجله فلا جديد تحت الشمس وهناك من تراه يبتاع كوب قهوة ليواصل سهره ويتغلب على سلطانه ليكسب عيشه ويواصل كدحه . ستجدون هذه الأنماط في أي مكان حولكم في الصباح في الباصات وعلى الرصيف بل حتى وأنتم في سياراتكم الخاصة إذا تلفتم حولكم وأنتم تنتظرون عند إشارة المرور لتضيء   لكم العبور لبقية الطريق سترون هذه الأنماط حولكم . لكن من المؤكد بأنك لن تروا هذا المنظر كل يوم إلا من الأعلى أو إذا كنتم مدققين في تفحص ما حولكم ,  سيارات كثيرة بألوان وأحجام مختلفة وإذا دققتم أكثر ستجدون بينها بعض الدراجات النارية   , إذن ما الجديد ؟  أنتم تظنون  أن كل سائقيها فتيان    – حسنا ليس كلهم –  لأنكم  لو راقبتم تلك الدارجة الحديثة في طرازها والجديدة نوعا ما والتي توقفت للتوا بجانب الرصيف  ستلاحظون من معالم جسم راكبتها أنها فتاة  _ربما لا تستطيعون الجزم لان كل ما ترتديه هو بنطال جنيز ازرق غامق مع قميص احمر مربعات لكنكم ستقرون  بأنها فتاة بعد أن تخلع الخوذة ليظهر شعرها الأسود المقصوص بطريقة صبيانية المعقود(بنهاية أطرافه ) خلفها مما أعطاها مظهرا فوضويا ذكوريا وناعما في نفس الوقت  وعينيها الواسعتين وبشرتها الحليبية  – وتتجه إلى محل الجزار الذي راءها ورحب بها فعلى ما يبدو أنها زبونة دائمة لديه فبادلته الابتسامة وقالت : كيف الحال اليوم عم متولي ؟
-         بخير يا بنيتي ..هل أعد لك نفس الطلب المعتاد من اللحوم ؟
-         بالطبع ولكن قلل الكمية للنصف فالطاهي وضع قائمة جديدة هذا الأسبوع ويريد أن يكون الأكل صحيا أكثر .
-         هههه ههه وهل يعلم السيد مروان بذلك ؟
-         السيد مروان يشجع الرياضة والصحة .
-         طبعا  ,فهو رياضيي كبير, ولكن لن نكسب كثيرا بهذه الطريقة
-         هههه حسنا أعد اللحم ريثما اذهب لشراء الخضار واعدك أن اشرح وجهة نظرك للسيد مروان .


ثم سارت مبتعدة نحو احد المحلات القريبة لتكمل تسوقها , و نادى بصوت جهوري غليظ يختلف عن النغمة الناعمة التي كان يتكلم بها مع الفتاة  :
-  محسن , تعال بسرعة
خرج صبي في العشرينات من العمر من غرفة بداخل المتجر حاملا سكين ومرتديا مئزرا بلاستكيا ابيضا  لامعا تشوبه نقاط من الدم  قائلا:
-نعم عم متولي ,ماذا تريد ؟
-جهز طلبيه مطعم "أناكوندا" * الطلب المعتاد ولكن قلل الطلبيه للنصف .
-حسنا (مشى خطوتين نحو الغرفة ثم عاد ووقف حيث عم متولي وتنحنح وقال)
-هل كانت سماره العاملة الجديدة هي أتى من هذه المرة
- نعم وما الذي يمنعها ,ثم لماذا تسال ؟
- لاشي ولكن كنت أفكر أنها فتاة جميلة و....
- ماذا...... تريد أن تغازلها ,هل أنت أحمق..... ألا تعرف أنها تحت حماية السيد مروان ,هل تريد أن تتسبب لنا بالمشاكل معه ؟!
-لالالالا ,لم أكن لأتصرف بحماقة معها( فلقد رأيت ماذا فعلت قبل أسبوعين لبائع السمك الذي تحرش بها لقد وجهت له ضربات قوية لم أرى مثلها إلا في التلفاز وفي أفلام جاكي شان بالتحديد) . أنا فقط كنت أفكر بأنها فتاة جديدة ووحيدة لم نرها  ونعرفها إلا منذ مدة قصيرة ولذلك فكرت بأن ....
- لذلك فكرت بان تتحدث معها وتظهر صداقتك لها ثم تقع في حبك , أليس كذلك ؟
-ولكن ...
-أرح بالك... هي لا تبدو من النوع الذي يناسبك .
-وما الذي جعلك تظن ذلك ؟
-خبرة وحكمة السنين أيها الشاب , ثم الم تسال نفسك عن سبب ظهورها المفاجئ , وأنها لا تبدو مجرد فتاة عادية من حارة شعبية رغم لكنتها  ,الم ترا طريقة لباسها رغم أنها بسيطة إلا أنها تدل على ذوق وأناقة وترف , ودراجتها النارية الم ترا شعار الشركة المصنعة عليها لتقدر سعرها الغالي ....هه ...الم تفكر بأنها هاربة أو متورطة في مشكلة كبيرة لا تستطيع حلها ..هه.. الم ترا مثل هذه الأشياء في تلفازك أيها العبقري .. .هل مازالت الأفكار السخيفة براسك الصغير؟. قال ذلك والشاب  قد ازدادت عينيه اتساعا مع نهاية حديث العجوز ثم أومئ برأسه موافقا وقال وقد تحشرج صوته :
-ربما من الأفضل أن اذهب وأسرع في تجهيز طلبها !
-نعم , من الأفضل لك أن تسرع وإلا كنت كبائع السمك ....ههههه
مشى الشاب إلى الغرفة وعلى وجهه علامات غربية ....كمن أصابه مغص ببطنه أو إمساك مما جعل ضحك  العجوز يزداد ويعلو إلى أن أغلق الشاب باب الغرفة واختبأ داخلها ,عندها توقف ضحكه وقال :
-نعم أيها الأحمق أنت لا تريد التورط مع فتاة تنتمي لمروان.

****************************************

                                                 (شطرنج)



متى كانت البداية؟
هذا ما قد يقوله البعض ........
ولكن أيجب أن تبدأ كل رواية من البداية ألا يمكن مثلا أن تبدأ من حيث بروز المشكلة أو....... أوه حقا لا ادري.
تخيلوا أن حياتكم كرقعة شطرنج وان كل حركة منكم تحدد مصير الحركة الأخرى أو بالأحرى حركة الخصم , ولكن اليس الحياة هكذا حقيقة !
ولذلك تستطيع أن تحدد الزاوية التي تريدها لتبدأ الحكاية
حكاية عن مجموعة من الأشخاص اعتبروا أن الحياة عبارة عن شطرنج  ولذلك لعبوا بأفضل مالديهم .....
حكاية تروي حياة أناس عاشوا في وسط الرقعة ولعبوها على اختلاف درجاتهم وتحملوا نتائجها    فتارة تضحكهم ....تبكيهم ..... تجعلهم يبتسمون ويتألمون..... يأملون ويحلمون
ولكنهم امنوا بشي واحد هو أن الحياة رهن لخيارتك وتبنى عليها ...... ولأنهم امنوا ووثقوا بذلك أرادوا  امتلاك الجراءة ..... فبدونها لن تتحرك المياه الراكدة
لذلك متابعتك لهذه الحكاية تعتمد عليك أنت .
أنت وحدك من تقرر كيف وأين ومتى تحدث هذه الرواية ومتى تنتهي.
ولكن المهم أن تمتلك الجراءة لاتخاذ قرار....
بالنسبة لي سأروي الحكاية من حيث يجب أن تبدأ.



المجلد الأول : البيدق ..... خطوتان للأمام

1

كان راغبا في رؤيتها ,نعم, فهي صديقته الأثيرة وبرغم البعد والانشغال فسيشتاق دوما لهدؤوها وحكمتها , لا يستطيع أبدا مهما فكران يجد سبب للقائه بها بعد سنتين من الانقطاع ...فقط كل ما يعرفه انه قد اشتاق إليها جدا و لا يستطيع أن يبعد عينيه عنها
ويبدو أنها أحست بنظراته فقالت ممازحة
- أتعرف وليد لو كان رامي هنا لشك بأننا أصدقاء منذ الثانوية
- رامي..... تقصدين السيد زوجك
- بالتأكيد ....أوه سيادة الملازم وليد لم يحضر زفافي
- دينا ..... لقد أخبرتك لم ولن  أتخيل أن أراك ابد في ثوب عروس
لأنك مازلت طفلة بالنسبة لي.
- آه نعم طفلة تحضر لها الواجبات وتشاركها الغناء والرقص وتحضر لها في عيد ميلادها دمية باربي وتنهر في وجهها وتهاجمها  حتى تبكي هي وتبعد عنها الأولاد المشاكسين و المغازلجية    .....الخ الخ
- صحيح  دونا .
بالرغم انه كان يريد أن يكمل المزحة إلا انه رأى في عينيها مسحة من الألم والحزن جعلته يصمت فهو دوما ما يرتعب من نوبات جنونها
استمر هدؤوها لخمس دقائق حتى قالت :
- وليد قل بأنك لا تريد أن تراني زوجة لأحد غير ادهم
كان يعرف أن ردها سيكون عنيف ولكن ليس بهذه الجراءة التي جعلته يرتبك ويقول برجاء:
-دونا .
-لا تنادني هكذا و أنت تغضبني! كم مرة أخبرتك ؟ ثم أليست هذه الحقيقة التي تخبئها منذ زواجي
قال بحدة
- انه اعز أصدقائي دينا
-  ولقد  كان خطيبي .....
لم يعجبه ابد أن تتكلم عنه بصيغة الماضي أو ربما تراها تعمدت ذلك   فقال بغضب
- ليس معنى موته دينا أن نحذفه من حياتنا
- صحيح , ولكن الحياة عليها أن تستمر
- ليس الكل يشاركك هذه النظرة...... أيتها المرأة الحديدية
نعم "المرأة الحديدية" كما وصفتها الصحف   نتيجة للعقود التي أبرمتها والرحلات التي قامت بها,والتي أعادت اسم مجموعتها للمقدمة وكأحد أفضل الشركات القابضة   , وعلى ما يبدو أنها فهمت ما يرمي إليه فقالت :
-أو هذا ما تظنه بي إنسانة عديمة المشاعر
لقد قالتها بطريقة حزينة و كأنها تريد البكاء جعلته يقول :
- دينا لقد كانت مزحة فقط , هيا ابتسمي فأنت لم تدعيني لهذا المطعم الفخم دون مقابل ؟
-وتتهمني الآن بالبخل سيادة الملازم
وابتسمت ابتسامة واسعة  .....أوه لم تتغير دينا ولن تتغير أبدا.
- هيا . تكلمي, تعرفين بأنني لن اذهب بك للسجن و ساخبئى أسرارك
-  اعرف ذلك تماما ولكن .....
تنهدت وبدأت الحديث
- لينا
- و ما الذي فعلته هذه المدللة هذه المرة ؟
- أنت لم تعرفها جيدا وليد فلا تحكم عليها
- وهل تركت لي أو لأي شخص أخر  عدا  شلة "  المتغاوبات"  المجال ليقترب منها
- وليد لا تتحدث عن أختي هكذا
- أنت شخصيا كنت تكرهين أسلوب حياتها العابث  وصديقاتها السخيفات , ثم أنها تخلت عنك بعد فضحية والدك تماما وتركتك  لوحدك
- وليد.أنت تعرف حق المعرفة بأنها لم تتخلى عني بل كانت مع أبي ترعاه في المستشفى نتيجة الصدمة التي حدثت له بعد فضحية الإفلاس
- وبعد موت والدك
- لقد هجرت العالم كليا وليد حتى شلة المتغاوبات , كانت فقط تذهب إلى الجامعة  وتركز على دروسها حتى تتخرج وتتحقق حلم أبي وتصبح محامية .
- وهذه أنانية منها أن تتركك تواجهين الأمور لوحدك
- وليد ....لو كنت أريد سماع محاضرات لذهبت لرامي ولكني أعتمد عليك أكثر و أريدك أن تساعدني فأنت صديقي
- وما الذي لا يعرفه رامي ؟
- إذا أصغيت لي فستعرف وليد
- حسنا كلي أذان صاغية دينا..أعدك
-جيد لان هناك أشياء لا تعرفها برغم علاقة صداقتنا والتي استمرت لعشر سنوات , أشياء كنت أخفيها ربما بسبب الولاء للعائلة ,ابتسمت , ولكن  لا تقلق كثيرا بالتأكيد كنت سأخبرك بها يوما ما
- حسنا ابدئي
- ولكن هل ستتحمل ثرثرة الفتيات؟
- دينا بربك , أنني أصغي لك منذ عشر سنوات
ابتسمت وقالت :
- أنت تعرف بأنها ليست شقيقتي بل أختي من أبي , فمنذ  صغري وأنا اعرف بان أبواي مختلفان  أمي امرأة كما يقولون عملية, منذ تخرجها من الجامعة أدارت شركات عائلتها  ونتيجة لذلك تزوجت من أبي,  والذي كانت عائلته طبعا شريكة لهم و تحقيقا لرغبة الكبار في توحيد الشركة وتقوية رأس المال ومواجهة حاملي الأسهم الآخرين قرروا  أن يتزوج أبي وأمي , أمي لم تجد سببا لرفض أبي العابث زير النساء الذي هدده جدي بان يحرمه من نعيم العائلة وأموالها في حال تخلفه أو رفضه لامي وطبعا أبي ضحى بحريته الشخصية في مقابل إسعاد العائلة
أحس بألمها في سخريتها من وضع عائلتها التراجيدي والذي كانت مضطرة بان تتعايش معه منذ صغرها والذي طبعا كان  يعرف عنه بحكم صداقته  وثرثرته  معها  ولذلك رأفة بها قال :
- دينا  لا داعي أن....
ولكنها قاطعته  متابعة سخريتها  :
- ولكنه استمر في عبثه وفي تحريك ذيله هنا وهناك , أمي لم تمانع باعتبار أن لأولاد الذوات نزواتهم وبصراحة أكثر مادام لن يوجد أي وريث لأموال العائلة  أخر غير أولادها فليس هناك مشكلة في مطاردة أبي لنساء أخريات , ولكن الذي لم تحسب له أمي حسابا أن تكون هناك امرأة أخرى غيرها تجعل أبي يرغب بالزواج بها سرا طبعا خوفا مما يحدث ولكن نعيم أبي لم يستمر لان الثرثرة وصلت لامي التي أثارت عاصفة من المشاكل والضغوطات  التي مارستها سواء من قبلها أو من قبل عائلتها وحتى عائلة أبي  لان والدة لينا وعائلتها من النوع الذي كانت تصفه أمي وجداي با" الجرابييع  " و " فئران السكك " ولكن أبي كان يقول بأنها من أفضل النساء و أشرفهن , يكفي أنها لم تطالب بمال بعد الطلاق الجائر  الذي وقع عليها , لا بل لقد ربت لينا لوحدها بدون مساعدة من أي احد فأبي لم يعلم بوجود لينا إلا بعد وفاة أمها أي عندما أصبح عمرها سبع سنوات وعمري عشرة
- ماذا؟  لم يعلم بوجودها إلا عندما أصبحت سبع سنوات أم انه لم يريدها أن تكون في حياته  واضطر لذلك بعد وفاة أمها ؟
انتفضت دينا وحركت يديها كأنها تريد أن تقتله
- وليد كيف تجرؤ ؟ أنت تعرف والدي , ربما هو إنسان عابث ومحب للحياة ولكنه أب جيد وطيب ومستحيل أن يترك ابنته هكذا
- أسف دينا , ولكن في هذه الحياة العديد من المآسي.
- ربما من الأفضل أن تصمت وتستمع لي بدلا من الاعتذار كل دقيقة. عموما عندما علم أبي بوفاة حبيبته ذهب لحضور جنازتها    و عرف بوجود لينا ولكن يبدو أن الأصدقاء الذين تركت عندهم لينا أثناء مرضها أودعوها ميتم ولم يعرف احد أين هو   ...... لا أعرف كثيرا عن هذا الموضوع لان أبي ولينا لم يتكلموا عنه كثيرا ولكن الذي اذكره جيدا هو المشاجرة التي حدثت بعد سنتين من وفاة أم لينا لأنها كانت المرة الأولى التي أشاهد أبي يصرخ ويشتم حتى مع وجود جدي وجدتي وبكاء أمي  ..... أنا لم افهم ماذا يحدث لأني كنت ابكي, كنت طفلة تخاف من مشاجرات الكبار .... بعد ذلك الصراخ خرج أبي غاضبا   وظل جداي وأمي يتكلمون  وهدا الوضع تقريبا فذهبت للنوم و لكن أبي أيقظني وحزم لي أمتعتي .. ابتهجت لأني ظننت أننا سنذهب في رحلة واقضي وقت ممتع مع أبي ولكن  بعد تسللنا من القصر أخذني أبي إلى مكان غريب ما زلت محتارة بشأنه إلى  اليوم اذكر انه عبارة  مستودع قديم ولكن في نفس الوقت بدت لي كأنها صالة العاب رياضية لا اعرف لماذا فانا لم أرى أي تدريبات أو لاعبين  .. عرفت بان أبي قرر أن يضغط على عائلته لتقبل لينا وجعلها تعيش معنا فجداي وإكراما لامي وعائلتها منعا أبي من إحضار حفيدتهما إلى المنزل باعتبار أنها ليست من ذوي الدم الأزرق
ولكن أبي وللمرة الأولى في حياته واجه عائلته فهربنا أنا وهو إلى صديق قديم له واختبأنا عنده ... هذا الصديق احضر لنا لينا فيبدو أن أبي قد اعد كل شي ... آه وليد لن استطيع ولو بعد مليون سنة أن احذف مشهد لقائنا الأول أنا وأبي بلينا ... فتاة صغيرة هزيلة ترتدي ملابس قديمة ... هل تتخيل لينا هكذا ؟ ....ولكن على وجهها الصغير علامات لا يتركها الزمن إلا على من جاوزوا الستين ... خوف , الم , شك في من حولها ولكن ... هه .. يا ألهي  وقفتها كانت وقفة  محارب بكل ما في الكلمة من معنى... تخيل فتاة صغيرة في السابعة من عمرها تتصرف هكذا .. أبي وللمرة الأولى في حياتي رايته يبكي .. احتضن لينا بقوة .. يريد حمايتها يريد أن يعوضها عما فقدته أو واجهته ولكن لينا وبكل بساطة دفعت أبي جانبا وقالت :  لقد تأخرت كانت تريد أن تراك قبل موتها. .أنت تعرفينني؟ – قال أبي . لقد أخبرتني عنك وقالت بأنك ستأتي و تأخذني لأعيش معك- قالت لينا . وهذا ما سأفعله يا حلوتي -  أجاب والدي. ولكني لا أريدك .. لقد تأخرت  . أريد أمي .. أريد أن أموت وأكون معها ...لماذا لم تمت أنت ؟ لماذا ؟ ....لم يكمل أبي جداله معها فقط احتضنها مرة أخرى  وبقوة فقد كانت تبكي بشدة .... ولهذا سيد وليد لم نستطع أنا ووالدي رفض أي طلب للينا لأننا لم ننسى اللقاء الأول أبدا ... ظللنا في ذلك المكان مدة شهر على ما اعتقد كان أبي خلالها يقوي علاقته بلينا و بدأت غيرتي الطفولية بالظهور فانا لم اعتد أن يشاركني في حب أبي أي احد... في النهاية يبدو أن أبي انتصر فجداي لم يحتملا  أن يفقدا الابن والحفيدة في نفس الوقت لذلك وافقوا على زيادة عائلتنا الصغيرة  رغم أن تلك الزيادة تسببت في فقداني لامي .. فكما  أخبرتك أمي لن ترضى أن يكون هناك أي وريث غيري لذلك طلبت الطلاق و أخذتني معها ليس حبا بل للضغط على والدي وأنا وافقتها لأنني كنت أغار من لينا ولكن بعد أسبوعين من العيش مع أمي وعائلتها ....حسنا كيف أقول ؟ الباردة ... أنت تعرفهم لذلك لن أكثر في الكلام... بعد أسبوعين بالضبط عدت لأبي ولينا وعشنا معا .
- وعاش الجميع للأبد في سعادة دائمة .. النهاية .. اليس هذا ما أردت قوله ؟
- أنت تعرف أنها ليست قصة خرافية مثل السند ريلا أو سندباد حتى تنتهي هكذا .
- إذا كيف ؟
-همم . جداي كانا دوما يقولان أن لينا تتصرف كصبي بحكم نشأتها في الملاجئ  فقد كانت متحفزة دوما للقتال والشجار مع أي احد وفي أي وقت  وكانا يحاولان أن يجعلاها مثل أولاد الذوات ولكن عبثا,  فلينا لن تتغير من اجلهما وخصوصا أن أبي والذي أصبحت تحبه كثيرا كان يقول لها "افعلي ما تريدين يا صغيرتي "  وهما لا يستطيعان مجادلته في أمور ابنتيه فيكفيه انه سيتولى أدارة شركة العائلة خلفا لامي وأيضا الزواج والطلاق  للمرة الأخيرة بسبب لينا
- بسبب لينا تزوج أبيك وطلق  ,كيف ذلك ؟
- لان أمي رفضت أن تدير الشركة إلا إذا سجل أبي ثروته باسمي باعتبار أني الوريثة الوحيدة ولكن أبي رفض أن يظلم لينا فقرر أن يتحدى أمي ويدير شركاته وينجح ولهذا قرر أن يعقد تحالفا أخر مع عائلة "الشامي " لكي تقوى شركة "the sharper angel " القابضة و يعيد ثقة الشركاء و حاملي الأسهم بها , وكالعادة قرر الكبار أن يكون اتحادا كاملا بين "الشامي " و " حداد " ويتزوج أبي من ابنتهم , ولكن هذه المرة اوجدوا سبب وجيه وهو حاجتنا كصغار لسيدة ترعانا وتهتم بنا وبالمنزل ......ووريث ذكر طبعا ... أبي عارض الأمر ولكنه وافق على مضض فهو لم يرغب بزوجة أب  لصبيتيه  الصغيرتين ولكنه خاض الأمر كتجربة ...........للأسف لم تهتم زوجة أبي  بنا  بل كان اكبر همها أن تزيحنا عن طريقها بشتى الوسائل ولكن أبي لم يعرها أي اهتمام ولينا كانت لها بالمرصاد فكما تقول " بالميتم عرفت كل حيل الساحرات الشمطاوات لذلك لا تقلقي مادمت هنا..سأوقفها " ...بالفعل لم أخاف فقد كنت اعتمد عليها واثق بها جدا .... تخيل الأخت الكبرى تعتمد على الصغرى لتحميها ...وهذا ما كان يحدث فعلا .....لا بل قد جعلت أبي يطلقها ....لا تستغرب و لا تقاطع سأخبرك   , ذهبت لينا في رحلة مدرسية و أبي في رحلة عمل فاستغلت زوجة أبي هذا الغياب خصوصا أن جداي كانا مشغولين بحياتهم الخاصة  و بدأت كما يقولون بمحاولة مسك الحلقة الأضعف  فحاولت أن تسيطر علي وعندما رفضت .....مقتدية بذلك بلينا  و تحديتها عاقبتني بأن ضربتني حتى أدمت يداي ...كانت تلك أول مرة اضرب فيها وبتلك الوحشية ولذلك عندما هددتني أن تعيد الكرة إذا  أخبرت أبي  خفت وصمت .. لكني أخبرت لينا عندما عادت , طلبت لينا مني أن اصمت حتى عاد أبي من سفره وأقمنا مأدبة وجاء جداي وعندما دخلت الساحرة لتتأكد من أننا لم نفسد ترتيب الطاولة فقد كانت تظن أن هذه خطتنا   بما أننا سبقناها لها حتى نحرجها أمام جداي ....لكن لينا كان لها خطة أخرى فسكبت الحساء الساخن على زوجة أبي ...وكسرت الآنية وجرحت معصمها وصرخت بأعلى صوتها حتى ارتفع على صوت زوجة أبي وعندما جاء والدي وجداي ورؤوا  ما حدث ضرب أبي لينا لأنه ظن أنها تريد إيذاء نفسها وجداي صرخا عليها لأنها سكبت الحساء على الكنه الغالية لكنها صرخت عليهم وقالت : انظروا إلى يدي دينا ." وعندما رأى أبي يداي طلقها فورا وطردها فهو لن يحتمل ابدأ أن يؤذي احدهم ابنتيه ولذلك أصر على موقفه بان يبقى أعزب إلى مماته   .
-         يبدو أنها جرئيه و لا تخاف أبدا .
-         بالتأكيد هي كذلك ! جداي كانا يقولان بان هذه صفة موجودة في العوام والفقراء حيث لا يعرفون أبدا متى يستسلمون , أبي يقول أنها ورثت  جيناتها المجنونة والقوية من والداتها فقد كانت مناضلة جدا ولاعبة كاراتيه قوية فقد حصلت على الحزام الأسود وكانت على وشك الوصول لاولمبياد العالم في الكاراتيه ...ولذلك جعل أبي لينا تأخذ دروس في الكاراتيه مثل والداتها .
-         لا تقولي بان لينا لديها الحزام الأسود ؟ !
-         لا لكنها حصلت على بعض الأحزمة وتجيد القتال بمهارة وهذا ما دعاها لان تتكاسل وتتخلى عن الكاراتيه .
-         أذن هي قوية وتستطيع الاعتماد على نفسها
-         وهذا ما يطمئنني قليلا ولكن أنا خائفة وقلقة ... منذ وفاة والدي لاحظت بأنها منطوية وتتصرف بغرابة
,ولكن لم أتخيل بان  يصل الحد بها بان تهرب من المنزل.
-         هربت من المنزل ! لماذا ؟
-         لا اعرف ...لقد قلت لك بأنها كانت تتصرف بغرابة ..ولكن منذ هروبها منذ شهرين وأنا ابحث عنها
-         هربت منذ شهرين وتخبريني الآن ...لماذا لم تخبريني من قبل ...ألا تعرفين ماذا يمكن أن يحدث لها
-         اعرف ...ولقد بحثت عنها بطرقي الخاصة ولكن لم يجدي الأمر
-         طرقك الخاصة .. شكرا دينا ..يبدو انك حقا تثقين بي
-         لا تبدأ بالشكوى والتذمر ...لقد ظننت في بداية الأمر أنها سافرت بعيدا لتريح بالها وتستجم ولكن بعد أن سالت بعضا من أصدقائي وطلبت منهم البحث في سجلات المطارات والموانئ والحدود عرفت بأنها لم تغادر البلاد ولذلك حاولت البحث عنها هنا ولكن لم استطع تكثيف جهدي وإلا اكتشف رامي والناس الأمر وانأ متأكدة بان لينا لا تريد ذلك ...ولكن ماذا افعل برغم يقيني أنها بخير إلا أنني أريد رؤيتها والاطمئنان عليها
-         افهم سبب إخفاءك اختفاء لينا عن الجميع بأنك لا تريدين منهم التدخل وتخافين من ردة فعلهم ونظرتهم للينا كفتاة هاربة وخصوصا هنا في مجتمعنا ..ولكن رامي اليس زوجك والمفترض به أن يساعدك؟ هل يعاملك جيدا دينا ؟ .
-         هل تعرف بان وظيفتك كضابط تحقيقات مناسبة لك جدا فأنت تطرح الكثير من الأسئلة وتريد أجوبة مقنعة وسريعة عليها
-         هيا دينا صارحيني ولا تحاولي إرباكي ...هل تريدين مني أن اضربه لك واعلمه كيف يعامل إنسانة رائعة مثلك .
-         لا داعي لان تتهور وليد وتتسرع في استنتاجاتك .. رامي لو علم بأمر اختفاء لينا لأثار زوبعة من الأعاصير حول أن لينا مدللة وأنها لا تستطيع تقدير العائلة وسيحاول البحث عنها ولكن طبعا بعد أن يثير فضحية أنا و أسرتي في غنى عنها ..ولذلك أخبرته أنها في رحلة استجمام حول العالم لأكتفي شره و لأحاول البحث عنها بطريقتي ...و هاأنذا اطلب مساعدتك
-         حسنا هل لديك صورة حدثيه لها ؟
-         طبعا ...وقد أحضرتها معي .
فتحت حقيبتها وأخرجت منها صورة وناولته إياها , ظل يتمعن في الصورة لبرهة وقال
-         مازلت أرى أنها لا تشبهك.
-         إذن من الأجمل أنا أم هي .قالت له ممازحة
قال مبتسما
-أنت ...ولكن أ تعرفين بعينيها شئ غريب لا اعرف اهو حزن ,الم .....لا اعرف
- ربما حزن... لان هذه الصورة التقطت بعد وفاة والدي.
-لا , هناك شئ اكبر من ذلك ..... شئ مطمئن ومخيف أيضا .
- حسنا ربما شخصيتها هكذا محببة ومخيفة ....لغة العيون اصدق و أوضح
- حسنا هل هناك شئ يجب أن تخبريني به ويساعدني  في إيجادها
- لقد أخبرتك كل ما اعرفه وإلا لما ثرثرت  معك هكذا ...
ابتسم قائلا :
- إذن المفترض بي أن استنبط ما يرشدني إلى أختك من خلال حكاية ألف ليلة وليلة التي حكيتها لي أنفا .
- أليست هذه وظيفتك ؟ ....مع السلامة أراك قريبا يجب علي أن أغادر سريعا و إلا سأتأخر على حفلة رامي  ...آه لقد نسيت أنها تحب ركوب الدراجات النارية ولقد اشترت واحدة جديدة مؤخرا ومن نوع غال إنها نفس الدراجة التي في الصورة  ....هل هذه معلومة مفيدة ...حضرة الرائد وليد .. وبالمناسبة مبارك عليك هذا اللقب
- آه ....إذن عرفت بأمر ترقيتي ! ولكن ألا تظنين أن تهنئتك أتت متأخرة يا صديقتي المخلصة , سأنتقل للقاهرة الأسبوع المقبل  , ولقد استأجرت شقة هناك . ولن آتي  هنا إلا في العطل
- إذن أنت لا تنوي الانتقال هناك تماما وترك الإسكندرية.
- لا استطيع الاستغناء عن مدينتي ..تعرفين ذلك ولكن لما تأخرت في تهنئتي ؟
قالت له وهي مغادرة إلى الباب وتلوح له بيديها بينما هو جالسا على كرسيه :
-         حسنا أنت تعرف ...لأنك أحمق
وغادرت ضاحكة , بينما حاول أن يعلى صوته قائلا :
-         إلا تملين من هذه الكلمة ,لقد أخبرتك مئة مرة أن معدل ذكائي مرتفع .......ولكن أنت ... آه لقد غادرت .
شرب كوب ثم نظر إلى الصورة وهو مسترخيا في كرسيه  مفكرا في خطة لإيجاد الفتاة .