الثلاثاء، 7 سبتمبر 2010

الجزء الثاني



2
.
كالعادة , مع بزوغ الشمس كل صباح لتغسل الأرض والناس بأشعتها , ينتشر البشر في الأرض  ويتوافدون من كل مكان ومع هذا التوافد والسعي يبدأ أصحاب المحلات والشوارع حرفيا بغسل الأرصفة المجاورة محاولين اجتذاب المارة والمشاة الذين يمرون بقربهم سواء لشراء الفطور أو لشراء بعض الأشياء لتبشرهم بان يومهم سيكون فيه رزق وفير , و هولاء  المارة تجد على وجوههم تعابير مختلفة منهم المستيقظ من النوم ممتلئ نشاط وحيوية  يملئه الأمل بيوم جميل وأخر بجانبه ترى عليه أثار النوم يريد العودة لفراشه وبالأحرى هو  يقول ما الذي استيقظ لأجله فلا جديد تحت الشمس وهناك من تراه يبتاع كوب قهوة ليواصل سهره ويتغلب على سلطانه ليكسب عيشه ويواصل كدحه . ستجدون هذه الأنماط في أي مكان حولكم في الصباح في الباصات وعلى الرصيف بل حتى وأنتم في سياراتكم الخاصة إذا تلفتم حولكم وأنتم تنتظرون عند إشارة المرور لتضيء   لكم العبور لبقية الطريق سترون هذه الأنماط حولكم . لكن من المؤكد بأنك لن تروا هذا المنظر كل يوم إلا من الأعلى أو إذا كنتم مدققين في تفحص ما حولكم ,  سيارات كثيرة بألوان وأحجام مختلفة وإذا دققتم أكثر ستجدون بينها بعض الدراجات النارية   , إذن ما الجديد ؟  أنتم تظنون  أن كل سائقيها فتيان    – حسنا ليس كلهم –  لأنكم  لو راقبتم تلك الدارجة الحديثة في طرازها والجديدة نوعا ما والتي توقفت للتوا بجانب الرصيف  ستلاحظون من معالم جسم راكبتها أنها فتاة  _ربما لا تستطيعون الجزم لان كل ما ترتديه هو بنطال جنيز ازرق غامق مع قميص احمر مربعات لكنكم ستقرون  بأنها فتاة بعد أن تخلع الخوذة ليظهر شعرها الأسود المقصوص بطريقة صبيانية المعقود(بنهاية أطرافه ) خلفها مما أعطاها مظهرا فوضويا ذكوريا وناعما في نفس الوقت  وعينيها الواسعتين وبشرتها الحليبية  – وتتجه إلى محل الجزار الذي راءها ورحب بها فعلى ما يبدو أنها زبونة دائمة لديه فبادلته الابتسامة وقالت : كيف الحال اليوم عم متولي ؟
-         بخير يا بنيتي ..هل أعد لك نفس الطلب المعتاد من اللحوم ؟
-         بالطبع ولكن قلل الكمية للنصف فالطاهي وضع قائمة جديدة هذا الأسبوع ويريد أن يكون الأكل صحيا أكثر .
-         هههه ههه وهل يعلم السيد مروان بذلك ؟
-         السيد مروان يشجع الرياضة والصحة .
-         طبعا  ,فهو رياضيي كبير, ولكن لن نكسب كثيرا بهذه الطريقة
-         هههه حسنا أعد اللحم ريثما اذهب لشراء الخضار واعدك أن اشرح وجهة نظرك للسيد مروان .


ثم سارت مبتعدة نحو احد المحلات القريبة لتكمل تسوقها , و نادى بصوت جهوري غليظ يختلف عن النغمة الناعمة التي كان يتكلم بها مع الفتاة  :
-  محسن , تعال بسرعة
خرج صبي في العشرينات من العمر من غرفة بداخل المتجر حاملا سكين ومرتديا مئزرا بلاستكيا ابيضا  لامعا تشوبه نقاط من الدم  قائلا:
-نعم عم متولي ,ماذا تريد ؟
-جهز طلبيه مطعم "أناكوندا" * الطلب المعتاد ولكن قلل الطلبيه للنصف .
-حسنا (مشى خطوتين نحو الغرفة ثم عاد ووقف حيث عم متولي وتنحنح وقال)
-هل كانت سماره العاملة الجديدة هي أتى من هذه المرة
- نعم وما الذي يمنعها ,ثم لماذا تسال ؟
- لاشي ولكن كنت أفكر أنها فتاة جميلة و....
- ماذا...... تريد أن تغازلها ,هل أنت أحمق..... ألا تعرف أنها تحت حماية السيد مروان ,هل تريد أن تتسبب لنا بالمشاكل معه ؟!
-لالالالا ,لم أكن لأتصرف بحماقة معها( فلقد رأيت ماذا فعلت قبل أسبوعين لبائع السمك الذي تحرش بها لقد وجهت له ضربات قوية لم أرى مثلها إلا في التلفاز وفي أفلام جاكي شان بالتحديد) . أنا فقط كنت أفكر بأنها فتاة جديدة ووحيدة لم نرها  ونعرفها إلا منذ مدة قصيرة ولذلك فكرت بأن ....
- لذلك فكرت بان تتحدث معها وتظهر صداقتك لها ثم تقع في حبك , أليس كذلك ؟
-ولكن ...
-أرح بالك... هي لا تبدو من النوع الذي يناسبك .
-وما الذي جعلك تظن ذلك ؟
-خبرة وحكمة السنين أيها الشاب , ثم الم تسال نفسك عن سبب ظهورها المفاجئ , وأنها لا تبدو مجرد فتاة عادية من حارة شعبية رغم لكنتها  ,الم ترا طريقة لباسها رغم أنها بسيطة إلا أنها تدل على ذوق وأناقة وترف , ودراجتها النارية الم ترا شعار الشركة المصنعة عليها لتقدر سعرها الغالي ....هه ...الم تفكر بأنها هاربة أو متورطة في مشكلة كبيرة لا تستطيع حلها ..هه.. الم ترا مثل هذه الأشياء في تلفازك أيها العبقري .. .هل مازالت الأفكار السخيفة براسك الصغير؟. قال ذلك والشاب  قد ازدادت عينيه اتساعا مع نهاية حديث العجوز ثم أومئ برأسه موافقا وقال وقد تحشرج صوته :
-ربما من الأفضل أن اذهب وأسرع في تجهيز طلبها !
-نعم , من الأفضل لك أن تسرع وإلا كنت كبائع السمك ....ههههه
مشى الشاب إلى الغرفة وعلى وجهه علامات غربية ....كمن أصابه مغص ببطنه أو إمساك مما جعل ضحك  العجوز يزداد ويعلو إلى أن أغلق الشاب باب الغرفة واختبأ داخلها ,عندها توقف ضحكه وقال :
-نعم أيها الأحمق أنت لا تريد التورط مع فتاة تنتمي لمروان.

****************************************

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق